لا تعش مهزوما
يقول أغرب إعلان جاء في إحدى صفحات جريدة تايمز اللندنية في بداية القرن الماضي ((مطلوب أشخاص لرحلة خطرة .. المرتب ضئيل والبرد قارس .. والرحلة تستغرق شهوراً طويلة من الظلام التام، والخطر مستمر، والعودة مشكوك في أمرها، والمجد والتكريم في حالة النجاح)) التوقيع سير آرنست شاكلتون.
ورد خمسة الآف شخص من جميع جهات إنجلترا على هذا الإعلان من بينهم إختار شاكلتون 28 شخصاً ليصحبوه في بعثته لاستكشاف القطب الجنوبي.
وبدأت رحلة التحدي .. تحدي الخطر والجوع والبرد القارس والظلام الدامس والخطر الدائم، تحدي حتى الموت .. فالعودة مشكوك في أمرها.
كان ذلك في عام 1915 على متن مركب يحمل اسم ((التحمل)) وفي أثناء الرحلة، انحشر المركب في الجليد وتحطم .. واضطر طاقمها إلى جر مؤونتهم على زلاجات ، لكنهم في النهاية عادوا مكللين بالمجد والتكريم، واتفق جميع المشتركين في البعثة الإستكشافية على أن الفضل كل الفضل في نجاح الرحلة يعود إلى قيادة شاكلتون البطولية التي فرقت بين النجاح والفشل بل أصرت على النجاح.
لا شك أن كثيرين من الذين قرأوا الإعلان في ذلك الوقت أصابتهم هذه التحديات بالإحباط والمرارة والإمتعاض، وكانت مبرراً لعدم الإشتراك لأنهم غير مؤهلين لهذا التحدي، ولم يجربوا الإستمتاع به، لأنهم دائما يقفون مكتوفي الأيدي أمام التحديات، يشلهم الخوف، وتساورهم أفكار الهزيمة، لذلك يقعون تحت وطأة اليأس بسرعة، لأنهم لم يحاولوا ولو مرة إقتحام الأبواب المفتوحة لإستكشاف ما وراءها قبل أن يُصبح الوقت متأخرا لأن الباب الذي تجده مفتوحاً اليوم .. قد يُغلق غداً .. ولا يُفتح مرة أخرى.
حاول تحقق أقصى استفادة من الفرص التي يُعطيها الله لك فطريقة تناولك للأمور أمر في غاية الأهمية، لأنك قد تعثر على ما تبحث عنه في الحياة، أما إن كان اتجاهك وموقفك سلبياً، فسترى كل شئ مُحبطاً، ويخيل إليك أنك لا تملك الرغبة في الحياة.
أما اذا تحليت بنظرة إيجابية للأمور، فسوف تحمل في داخلك دفئا رائعا هو ملء الرجاء في الحياة.
إن الطريقة المثلى لتحدي العقبات هي أن تجابهها مرفوع الرأس لا تشكو .. ولا تنتحب، بل تهجم عليها مياشرة، لا تصرف عمرك زاحقاً على يديك ورجليك، نصف مهزوم، ولكن جابه صعابك متحدياً. فستجد أنها تزول أمامك، بل لا تستدعي نصف القوة التي كنت تتخيل أنها تلزمك لاقتحامها .. لا تفسح لها طريقا فتجد أنها تتحطم في النهاية، وأنك قادر على تحطيمها.
إن شيئا ما لابد أن يتحطم، ولن يكون هذا الشئ هو أنت، بل سيكون العقبة، وستفعل هذا إن كان لديك ثقة وإيمان بالله، وإيمان بنفسك،.
لا تنسي شيئا ما سيتحطم، وبالطبع لن تكون أنت بل مشكلتك أو العقة التي أمامك.