الزواج المبنى على الخداع.. ضياع

قرأت كثيراً عن قصص زواج، لكن فى الأونة الأخيرة، قرأت أكثر من 10 قصص للزواج مبنية على الخداع.
فهناك من زور بطاقته كى يكون مهندساً (ويرفع رأسه أمام زوجة المستقبل وعائلتُها)، وأخر قرر هو وحبيبتهُ بناء عش الزوجية بمال مسروق؛ فاتفقاً سويا على سرقة احدى البيوت، وللأسف تمت السرقة وتمت الزيجة على بناء غير سليم، وقصة أخرى تحكى خيانة زوج لزوجته، والغريب فى الأمر، ان الزوج الخائن، بدأ يخون زوجتهُ قبل الزواج أى فى (فترة الخطوبة)، وزواج أخر تم على انه صفقة، صفقة زواج اثنين أغنياء لبعض؛ لضمان المستقبل (وعشان الثروة تزيد).
كل هذه النماذج ليست حوادث شاذة، بل هى زيجات أصبحت مألوفة ومتكررة. وهى تقدم صورة قبيحة لبيوت كثيرة، تقوم على الغش والخداع والضلال، وتحمل فى داخلها عوامل فشلها من قبل أن تبدأ! إنها تُشبهُ البنايات المُقامة بغير أساسات، أو المُقامة بمواد رديئة وخامات صدئة.
ومن يبنى لنفسه بيتاً بلا أساسات، فليتوقع أن ينهار البناء فوق رأسه. لذا هناك مفااهيم أساسية يجب إدراكها كى ينجح الزواج.

الزواج شركة :-

يسمى الزواج (شركة) وهى تسمية معبرة، تحمل كثيراً من المعانى. فالزوج والزوجة شريكان يتقاسمان مسئوليات البيت، بل ويتقاسمان مفردات الحياة فى بيتهما بحلوها ومرها، ويجنيان معاً ثمار النجاح كما يتحملان معاً توابع الفشل. والشركة فى الزواج الصحيح شركة غير محدودة المدة، وفيه يدعو كل طرف الآخر (شريك العمر كله).
إلا أن الزواج ليس شركة من نوع الشركات التجارية التى يساهم فيها الطرفان بقدر من راأس المال - يصبح أساسا للمحاسبة، فيقتسمان الأرباح والخسائر - كل بحسب حصته التى ساهم بها! بل هى شركة ذات طبيعة خاصة جداً، يحاول فيها كل من الطرفين أن يتنازل عن مكاسبه للآخر. ويحاول كل من الطرفين أن يتحمل كل المتاعب وحده دون إزعاج الآخر . إنها شركة لا تقوم على الدفاتر والموازين والحسابات بقدر ما تقوم على الوفاء والعطاء والحب والسماح.

الزواج بناء :-

وإذا كان الزواج يوصف بأنه شركة لتأكيد الندية بين طرفيه، وتأكيد المسئولية المشتركة، فإنه يوصف أيضا بالبيت لتأكيد المودة والخصوصية بين طرفيه. فالزواج الموفق هو صفحة بيضاء - أرض فضاء خالية - يبنى عليها الزوجان بيتهما (طوبة فوق طوبة) فيحققان حلم العمر معاً، حين يرتفع البناء أمامهما، ليُغمر قلبيهما بالسعادة والرضا. وعملية بناء البيت ليس بها مُقاول وزبون ! بل بها عاملان يبنيان معاً بالعرق والجهد والكفاح والحب، والزواج كبناء لابد أن يقوم على أعمدة قوية، وأهم هذه الأعمدة التى تضمن صلابة البيت أمام العواصف هى الحب المتبادل، والخضوع المتبادل، وهاتان الدعامتان القويتان تتأسسان على القبول والاحترام والتفاهم والثقة!
ويشترك الزوج والزوجة والأبناء فى حمل سقف البيت، والسقف هو الظل والستر والخصوصية، فالبيوت التى بلا سقف مكشوفة مستباحة تنهشها العيون، وتأكلها الألسنة.
ويظل الحب فى البيت هو المادة اللاصقة التى تجمع مفردات البيت، إنه (الاسمنت) الذى يجمع ويلصق أحجار البيت ويكون حوائطه وسواتره. الحب هو الذى يجعل من أفراد البيت بناءً مترابطاً، له شكل وقوام وجمالية خاصة. كما يمنح البيت قوة وصلابة وتماسكاً وصموداً أمام الرياح والعواصف وضغوط الحياة واختلاف وجهات النظر - إلى غير ذلك من المعاثر التى تتعرض لها البيوت الخالية من الحب والعطاء، فالبيوت العامرة بالحب تختلف عن البنايات الحجرية، فهى تزداد مع الأيام صلابة وقوة. على حين تتفتت الأحجار كلما طال بها الزمن. لذلك قيل ((بيوت الحب أقوى من الحديد الصلب)).

الزلازل والميتاه الجوفية :-

قد تتعرض البنايات لعوامل الهدم والتخريب التى تأتيها من الخارج كالعواصف والزلازل، لكنها قد تتعرض لعوامل النحر والتفتيت من الداخل كتسرب المياه الجوفية إلى أساسات البناية، والحياة الزوجية تواجه ذات الخطرين، فقد تأتيها المتاعب من الخارج، وقد تأتى من داخلها، فتعمل فيها ما يفعلهُ السوس فى جزع الشجرة. ولعل عوامل الهدم الداخلية أكثر إيلاماً، وأشد مرارة، وأعمق جرحاً.
لذلك فنحن نحتاج لأساس متين تقوم عليه حياتنا - أساس صخر - ليس من طبيعتنا الطينبية الرخوة، ولا من أنانيتنا وضعفاتنا البشرية، بل من الله القادر أن يمنحنا طبيعة جديدة، معدنها العطاء والتسامح والغفران والقبول والرضا والحب بلا حدود. اجعل يسوع هو حجر الأساس الذى يُعطيك التفاهم والتناغم وهو مصدر الحكمة والسعادة، تخيل معى صديقى إن كان يسوع هو حجر الأساس فى بناء بيتك، عند حدوث أى مشكلة ستجرى إلى يسوع (حجر الأساس) وستندهش لأنك ستجد هناك زوجتك وأولادك، لأن كلا منكما قرر أن يكون يسوع هو حجر الأساس، وبالتالى سوف تعبرون أى مشكلة.